التوتر بين مدريد وواشنطن يعيد رسم خرائط التحالفات والمغرب يلوّح كورقة استراتيجية بديلة لأمريكا في المتوسط

27 يونيو 2025
التوتر بين مدريد وواشنطن يعيد رسم خرائط التحالفات والمغرب يلوّح كورقة استراتيجية بديلة لأمريكا في المتوسط

الصحافة _ كندا

بينما تتعثر العلاقات بين الحكومة الإسبانية وإدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي يستعد للعودة إلى الواجهة السياسية، يلوح المغرب من جديد كشريك استراتيجي بديل للولايات المتحدة في شمال إفريقيا وغرب البحر الأبيض المتوسط، معززًا موقعه كقوة إقليمية موثوقة توازن بين الاستقرار الداخلي والدينامية الخارجية.

ففي الوقت الذي يرفض فيه رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز رفع الإنفاق الدفاعي إلى 5٪ من الناتج الداخلي كما تطالب به واشنطن، تفتح الرباط أذرعها أمام تعزيز التعاون العسكري والدبلوماسي مع الحليف الأمريكي، مستثمرة لحظة التوتر بين مدريد وواشنطن لتثبيت حضورها الجيوسياسي.

وصف دبلوماسيون إسبان، في تصريحات لصحيفة Vozpópuli، الوضع الحالي بـ”الفرصة التاريخية” للمغرب، معتبرين أن الرباط قد تتحول إلى الشريك الأول لواشنطن في المنطقة، خصوصًا بعد تهديد ترامب بفرض عقوبات تجارية على إسبانيا ردًا على مواقفها الدفاعية “اللامسؤولة” داخل حلف الناتو.

وتواصل المملكة المغربية، بقيادة الملك محمد السادس، تثبيت موقعها كفاعل استراتيجي عبر بوابة التعاون الأمني والعسكري مع واشنطن. خلال خمس سنوات فقط، تقدمت الرباط بطلبات تسليح أمريكية تجاوزت 13 مليار دولار، تضمنت أحدث الطائرات المقاتلة والدبابات والأنظمة الصاروخية، في مؤشر واضح على التحول النوعي في البنية الدفاعية المغربية المرتبطة مباشرة بالمنظومة الأمريكية.

وتُعزز مناورات “African Lion”، التي تُجرى سنويًا فوق التراب المغربي بمشاركة الآلاف من الجنود الأمريكيين، هذا التقارب العسكري، حيث تُشكل أكبر مناورة متعددة الجنسيات في القارة، وواجهة دبلوماسية ودفاعية لمكانة المغرب في أجندة واشنطن الأمنية.

لكن العلاقة لا تقف عند حدود السلاح. فالمغرب، بات بديلاً اقتصادياً واعدًا في عيون صُنّاع القرار الأمريكيين، مع ارتفاع منسوب التوتر التجاري بين واشنطن ومدريد. في ظل تهديد ترامب بفرض رسوم جمركية على المنتجات الإسبانية، تُعَد الصناعات المغربية، خاصة الفلاحية والنسيجية، بديلاً تنافسيًا في السوق الأمريكية، مدعومًا باتفاق تبادل حر مع الولايات المتحدة لا تستفيد منه إسبانيا الخاضعة للإطار الأوروبي.

وفي مقابل المشهد المتشنج في مدريد، يُقدِّم المغرب صورة شريك هادئ، مستقر، وواقعي، قادر على التفاعل مع تعقيدات الجغرافيا السياسية دون الاصطفاف الصدامي، مما يجعله حليفًا مفضلًا للولايات المتحدة في ملفات حيوية كأمن الساحل، مكافحة الإرهاب، وتدبير الهجرة.

ولا يمكن تجاهل أن اعتراف إدارة ترامب بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، وهو الموقف الذي لم تتراجع عنه إدارة بايدن، ليس مجرد لحظة دبلوماسية، بل تعبير عن ثقة استراتيجية أمريكية متجذرة في نجاعة المقاربة المغربية، وقدرتها على تشكيل محور استقرار إقليمي في محيط متحول.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق