بقلم: عبد المجيد مومر الزيراوي*
” اللَّهمَّ هَبْ لِي السَّكينَة لأَتَقَبَّلَ الأشياءَ التِي لاَ أستطيعُ تَغْيِيرَهَا، وَ الشَّجاعة لِتَغيِير الأشياءِ التِي أستطيعُ تَغْيِيرَهَا، وَ الحِكْمة لِمَعرِفة الفَرق بَينَهُما “.
من صلاةِ مُدمِني الكحولِ المَجهولين.
في خرجة تُشْبِهُ الجائحة التي هاجَمت أجساد البشرِ بأَشْرَسِ الفيروساتِ.حدَّثنا إدريس لشكر عن انهيار المُطلَقات و اليَقينِياتِ، و هو الخائِبُ الأَوَّل الذي لا يميز الفرق بين الإغْتِراب و البَديهِيات. لمْ يَكُ إدريس لشكر يملكُ نَانُوغْرامًا من الأجوبة الثقيلة في ماضيه البعيدِ أو القريبِ، فَمنْ أَيْنَ وَ كيفَ لهُ أن يَتَخلَّص من تفاهَة السَّردِيات و يُقْلِعَ عن أَنْكَرِ العَاداتِ؟.
إنَّما الكاتب الأول لحزب الاتحاد الإشتراكي يَهْرِفُ بِما لاَ يَعرِفُ!. و كل ما في الأمْر أن خطابَ الضَّلالة السيّاسَويّة يجدُ له دائما العديد من القَنواتِ، فتَأَمَّلوا إدريس لشكر سَيُطْلِقُ العنان لتَجدِيدِ الخرافاتِ .طبعًا .. أنا الذي سَأقولُ : إن لَغْوَ الهَرْطَقَةِ سمادٌ صالِحٌ لِتَخْصيبِ تُربَة الطُّفَيْلِياتِ!.
فَبَعد أن إنفرط عقْد الحداثة و الديمقراطية ، و هاجَ وزيرُ إدريسَ في العدل بِرفْعِ سيفِ 22.20 البتار لِقَطْعِ أَوصَالِ المكتسبات الدستورية. و أمام إنهيار مُسَلَّمات الفكرة الإتحادية في الدفاع عن الحقوق و الحرية ،و إنكِشافِ غزوةِ تكميمِ الأفواهِ و تَكْبيلِ الأَنَامِلِ و تجريم النَّقَرات الفايسْبوكِية. لجأَ إدريس لشكر وارثُ سرِّ الحَوْزَة التَّسَلُّطِيَّة إلى إِبْتِياع صُكوكِ الغفران من كَهَنَة مَعْبَد “العدالة و التنمية”.
و لأن الشيءَ بالشّيء يُذْكَرُ ، بلْ لأنَّ العَيْبَ دُونَ عَيْبٍ يُنْكَرُ، لم تستطِع بيانات الكتابات الجهوية إعادَة تشكيل مطالب الإتحاد الاشتراكي العقلانيَّة. مثلَما فشلَت في لمِّ شمْلِ أَرخَبيلِ التَّيارات التَّنْظِيمِيَّة قصد تشكيل كُتلةِ وَحدةٍ حِزبِيَّة ، كتلة داخلية تحفظ ماء الوجه النضالي لحزب كان في ماضي الزمان صوتًا حامِلاً لأمالِ القوات الشعبيَّة.
و لأن ” مُولْ البُومْبَة ” تهرَّبَ عن أداء ضريبة التضامن مع حليفهِ الخَائِبِ الأَوَّلِ ، و كذلك فعل حزبُ الحركة الشعبية. و لأنَّ نزار و وهبي و نبيل وجدوا الفرصة سانحةً للتَّخَلُّص من إدريس لشكر و دعم مُرَشَّحِهم المُفَضّل داخل الإتحاد لإستكمال أضلاعِ مربَّعِ الكتلة الهُلامية. و لأن التنسيقَ مع شتاتِ اليسار مَضيعةُ وقتٍ و لا تصلح إلاَّ للتَّسْلِيَّة. فإنَّ إدريس لشكر شَغَّلَ هاتِفَه الذكي و ركَّبَ أرقام التواصل المباشر مع الفقيه سعد رئيس الزاوية العُثمانية، كَيْ يستغفرَ لذنْبِهِ و يُقيمَ صلاة التَّسْوِيَّة البَيْنِيَّة. و هكذا قُبِلَتْ تَوْبَة الكاتب الأول لحزب الاتحاد الإشتراكي بعد إقرارِه بِخَطيئَة التحريض ضد سعد العدالة و التنمية و جاهلية الحديث عن حكومة الوحدة الوطنية.
إِيْ وَ رَبِّي، هكذا كان .. و هكذا إستقبلَ الفقيه العثماني ضَخامةَ الهَدِيَّة. ثُمَّ خَاطَبَ الخَائِبَ الأَوَّلَ قائلاً : لاَ تَثْرِيبَ عَليْكُم يا إدريس، وَ لا تَسريبَ بعد هذه المكالمة الهاتفيَّة. فلاَ تُكَلِّمَ -بعدَ الآن- جِنِّيَا و لاَ إِنْسِيًّا! إنتظِر بلاغَ إِيكْلِيروسْ الأمانَة العامَّة، وَ ليَجْهَر بعدَها وَزيرُكَ في العدل بِبَيَانِ التَّأجيلِ. إنَّا نحن الباقون في الرئاسة السَّرمَديَّة، سَنشرَحُ لكَ صَدْرَكَ ، سنتجاوزُ عن ذْنْبِكَ ، لنْ نترُكَكَ وحدَكَ، سنَرْفَعُ عنْكَ حالَة العُزلَة السِّياسِية!.
ثمَّ هكَذا عادَ إدريس لشكر سَالِمًا بِعَقدِ صَفْقَة المُنْكَر ، غَانِمًا بنَيْلِ المَطلوبِ من عَطاءِ أَربابِ الإنْتِهَازِيَّة. هكَذا سجَدَ رفاقُ الإنْبِعاثِ المَيِّتِ أمامَ عَشيرة الكَهَنُوتِيَّة ، بعد أن تابَ إدريس لشكر عن إتِّباعِ بدعةِ الكُتلَةِ الوطنية، و صارت أَعَزُّ أمانِيهِ عدمُ ضَيَاعِ الحقيبَة الوِزاريَّة. و بعد أن كان وهبي و نزار و نبيل قاب قوسين أو أدنى من طرح مُلتمس سحبِ الثقة من سعد الدين العثماني، بَادَرَ إدريس لشكر إلى قَلْبِ المائِدَة على حَوارِيِّي المعارضة الهاويّة ، و قامَ بتَسْخينِ أَكْتافِ و تَكْبِيرِ أَردَافِ رئيس الحكومة المغربية.ثم خرجَ وزير اللاَّحقوق مصطفى الرميد رافِعًا سبابة النصر بعد أن هَاجَمَهُ الإتحاديات و الإتحاديون و إتَّهمُوهُ بِتَسْريبِ أمانات المجالس و مستندات القضية.
خرج مصطفى الرميد و تَفَنَّنَ بارعًا في إظهارِ مخرجات تزوير الحقائق بل مُتَبَجِّحًا بِإدِّعاءِ زورِ إنجاز الخوارِق. نعم ؛ بعد توبة إدريس لشكر و تأجيل إزاحة مشروع قانون 22.20 ، كتب مصطفى الرميد مَزْهُوًا بصفقة المنكر، مُعلِنًا في تدوينة على حسابه في الفايسبوك، مساء اليوم الأحد، ” المجلس الحكومي لم يمرر مشروع القانون بسهولة، و أصرَّ على إعطاء فرصة لتعميق النقاش والحوار حول الخيارات الأنسب لبلادنا، تماشيا مع الاختيارات الراسخة للدولة ملكا و حكومة و شعبا”.
أَمَّا أَنَا فَأكتبُ قولِي هذا، و أختم بطرح التساؤل هكذَا : إذا كان أعضاء المجلس الحكومي هُم الذين منعوا تمرير مشروع القانون مثلما يدَّعي مصطفى الرميد، فمن يا ترى يُسَرِّبُ إلينا هوية المصادقين عليه خلال المجلس الحكومي المنعقد بتاريخ 19 مارس 2020؟!.
*رئيس تيار ولاد الشعب بحزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية.