الصحافة _ وكالات
أولت وسائل إعلام مغربية اهتماماً بتقرير بثته القناة الفرنسية الثانية «فرانس 2»، يكشف عن إحدى أكبر عمليات تبييض الأموال التي تتم بين فرنسا والإمارات العربية المتحدة، ويتم فيها استغلال المغرب والجزائر وبلجيكا وهي العمليات التي تعمل على تحويل ملايين اليوروهات التي يتم جنيها من تجارة المخدرات إلى ذهب ومجوهرات ثم إلى أموال سائلة، بشكل يُخفي مصدرها الأصلي.
وكشف برنامج «Cash Investigation» الذي أجرى التحقيق عن مفاجآت استغلال المغرب والجزائر وبلجيكا كمحطات لتحويل «الأموال القذرة»، وتورُّط شقيقين مغربيين في تلك العمليات، بالإضافة إلى استغلال مؤسستين إماراتيتين معروفتين، إحداهما للصرافة والثانية للمجوهرات، كواجهة لغسل أموال المخدرات.
وحسب التحقيق الفرنسي، فإن عمليات تبييض الأموال تجري عبر شبكة من المتداخلين، حيث تكون النقطة الأولى هي جمع أموال تجارة المخدرات نقداً في فرنسا، ثم يتم بعثها إلى المغرب والجزائر وبلجيكا عن طريق حوالات باسم أشخاص يثق فيهم المحولون بشدة.
أما المرحلة الثانية والتي تأتي بعد استقبال تلك الأموال، فهي تحويلها إلى سبائك ذهبية أو مجوهرات لتسهيل دخولها إلى الإمارات العربية المتحدة دون شكوك، وهنا يبرز دور أولى الشركتين الإماراتيتين وهي «كالوتي للمجوهرات»، الموجود مقرها في دبي، والتي تتولى استيراد تلك الكميات وكأنها بضاعة، إذ تنتج سنوياً ما مجموعه 300 طن من الذهب.
ومن العمليات التي كشف عنها التحقيق بالتفصيل واحدة تمت سنة 2012 تم خلالها اقتناء أكثر من 3000 كيلوغرام من الذهب من بلجيكا تم دفع أموالها نقداً، قبل أن يتم نقلها إلى الإمارات بواسطة شركة وهمية مملوكة لشخص مغربي.
ويشكل المغرب، وفق ما جاء في التحقيق الذي تم عرضه يوم الثلاثاء الماضي، إحدى المحطات التي يتم تحويل الأموال إليها نقداً قبل تحويلها إلى ذهب، وواسطة العقد في ذلك هما شقيقان مغربيان يدعيان «نور الدين الشاوتي» و»عبد الواحد الشاوتي»، وكلاهما مطارد حالياً من طرف الشرطة الفرنسية.
والتقت القناة الفرنسية بقائد شرطة مكافحة غسيل الأموال في فرنسا، الذي قال إن نور الدين الشاوتي «رجل أعمال مغربي يملك شركة مختصة في إرسال الحوالات المالية»، وهي الطريقة التي يتم بها نقل الملايين من اليوروهات من أموال الاتجار في الممنوعات إلى المغرب بغرض تبييضها. ويقوم نور الدين باستغلال تلك الأموال فيما بعد في عمليات اقتناء الذهب التي يجري جزء منها في المغرب، ليأتي هنا دور شقيقه عبد الواحد الذي يملك شركة وهمية اسمها «روناد الدولية» وهي ذاتها التي توسطت في عملية اقتناء 3000 كيلوغرام من الذهب من بلجيكا قبل نقلها إلى دبي. وبعد تحويل تلك الأموال إلى سبائك ذهبية، عن طريق شركة «كالوتي»، يأتي دور المرحلة التالية من العملية وهي بيع تلك الكميات من الذهب على شكل سبائك وحلي، لتتحول إلى مبالغ مالية يتم تحويلها إلى مؤسسة إماراتية أخرى.
وتتولى شركة «الفردان للصرافة» الموجودة بدورها في دبي، المرحلة الأخيرة من عمليات التبييض، حيث تقوم ببعث تلك الأموال إلى عدة دول في العالم، أبرزها الولايات المتحدة الأمريكية والصين، بل إن جزءاً منها يعود إلى فرنسا على شكل استثمارات وتحويلات مالية.
وتساءل التحقيق عن سر «تساهل» السلطات الإماراتية مع عمليات كهذه رغم وجود قانون لمحاربة تبييض وتهريب الأموال، وعلى الرغم أيضاً من المبالغ الكبيرة والكميات الهائلة من الذهب التي تصل إلى الشركتين المذكورتين.
وفضح التحقيق الحجم الكبير للفساد المالي الموجود في الإمارات، فوفق وثيقة تم الكشف عنها خلال الحلقة، بلغت قيمة واردات الذهب لصالح شركة «كالوتي» سنة 2012 فقط أكثر من 5 ملايير أورو تم دفعها نقداً، كما تم استيراد 4 أطنان من الذهب من المغرب الذي تم تمويهه بطلائه بالفضة.
وقال إن رائحة تبييض الأموال لا تشتم من عمليات استيراد الذهب بكميات ضخمة فقط، بل أيضاً من خلال عمليات تحويل الأموال بمئات الملايين من الأوروهات والدولارات إلى الخارج عن طريق شركة «الفردان»، والتي بلغ تعدادها11 ألف عملية.
ويتورط الشقيقان الشاوتي وحدهما، وفق ما كشفت عنه وثائق فرنسية، في عمليات تبييض أموال بقيمة 250 مليون أورو، تقول الشرطة الفرنسية إن مصدرها هو «تجارة الحشيش»، الشيء الذي جعلها تصدر في حقهما مذكرة اعتقال دولية.