الصحافة _ كندا
يكشف تقرير تحليلي حديث بعنوان “الاستخبارات في المغرب: التطوّر القانوني والتحولات الاستراتيجية ورهانات السيادة في عصر التهديدات الهجينة” عن مسار غير مسبوق في تحديث وتطوير المنظومة الاستخباراتية للمملكة، مرتكزاً على تكامل جناحيها الأساسيين: المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني والمديرية العامة للدراسات والمستندات.
رسخت المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني بقيادة عبد اللطيف الحموشي موقعها كخط الدفاع الأول ضد الإرهاب والجريمة المنظمة، عبر عمليات استباقية دقيقة أجهضت عشرات المخططات المرتبطة بتنظيمات متطرفة، وأسهمت في توقيف مطلوبين دوليين وتزويد شركاء أوروبيين بمعلومات أنقذت أرواحاً ومصالح حيوية.
ويؤكد التقرير، الذي أعده الخبير في العلاقات الدولية الدكتور رشيد الهديقي، أن هذا الأداء الميداني يجمع بين قوة الاستخبارات البشرية والاستثمار في التقنيات الرقمية الحديثة، مدعوماً بتنسيق وثيق مع المديرية العامة للأمن الوطني، وشبكة تعاون دولية متينة.
في المقابل، تواصل المديرية العامة للدراسات والمستندات بقيادة محمد ياسين المنصوري منذ 2005 لعب أدوار حاسمة في جمع المعلومات الاستراتيجية بالخارج ومكافحة التجسس والانخراط في دبلوماسية هادئة تخدم المصالح العليا للمغرب. وساهمت في تأمين منطقة الساحل الإفريقي عبر تزويد شركاء دوليين بمعلومات حساسة فككت شبكات إرهابية، كما حمت قطاعات استراتيجية كالموانئ والطاقة المتجددة، وأدارت ملفات دبلوماسية معقدة مثل قضية الصحراء المغربية بفعالية عالية.
ويبرز التقرير أن التكامل بين الجهازين يعزز منظومة أمنية شاملة تواكب تعقّد التهديدات، مدعومة بمؤسسات مساندة مثل شعبة الاستعلامات العامة والمديرية الوطنية لأمن النظم المعلوماتية والهيئة الوطنية لمعالجة المعلومات المالية.
ويرى التقرير أن تفوق المغرب في هذا المجال يستند إلى ثلاث ركائز: إصلاحات قانونية منحت الأجهزة صلاحيات واسعة في إطار قانوني مضبوط، وتطوير تقني مستمر يواكب ثورة الذكاء الاصطناعي وأمن الفضاء السيبراني، وشراكات دولية تحافظ على استقلالية القرار السيادي.
ومنذ التحول الأمني الذي أعقب أحداث 16 ماي 2003 إلى دستور 2011 والقوانين المتخصصة في الدفاع السيبراني وحماية البيانات ومكافحة تمويل الإرهاب، بنى المغرب إطاراً تنظيمياً صلباً يوازن بين الأمن والحريات.
وبحلول عام 2030، يتوقع التقرير أن تتوسع مهام الاستخبارات المغربية لتشمل استباق التهديدات في بيئة تكنولوجية متقلبة، حيث تتحول البيانات إلى ساحة المعركة الأولى، مما يتطلب تشريعات مرنة وثقافة ابتكار سيادي وتوظيف الاستخبارات كأداة قوة عالمية.
ويخلص التقرير إلى أن التحدي الأكبر سيكون الحفاظ على موقع الريادة في عصر الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية، مع تعزيز الثقة بين الدولة ومواطنيها وشركائها الدوليين، لتظل الاستخبارات المغربية حصناً متقدماً يحمي السيادة ويؤمّن المستقبل.