الصحافة _ كندا
قدمت مجلة New African Magazine قراءة معمقة حول التحولات التي تشهدها الأقاليم الجنوبية المغربية، معتبرة أن هذه المناطق بصدد التحول إلى مركز استراتيجي جديد في القارة الإفريقية، أشبه بما تصفه بعض الأوساط بـ”كاليفورنيا إفريقيا”. وترى المجلة أن المشروع الأطلسي الذي أطلقه الملك محمد السادس يشكل ركيزة لهذا التوجه، إذ لا يقتصر على توفير منفذ بحري لبلدان الساحل، بل يروم أيضا خلق دينامية تكامل اقتصادي بين شمال القارة وجنوبها.
وأشارت المجلة إلى أن هذه المبادرة تنسجم مع اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، التي تمثل أداة أساسية لدعم التصنيع وتعزيز المبادلات البينية. كما تشمل رؤية المشروع جوانب ثقافية وأكاديمية تروم تمتين الهوية المشتركة لدى الشباب الإفريقي، من خلال برامج تبادل أكاديمي ومبادرات ثقافية.
وبحسب المقال، فإن الأقاليم الجنوبية المغربية أصبحت تعرف زخما استثماريا متزايدا، بفضل ما تتوفر عليه من بنية تحتية حديثة وموقع جيوستراتيجي وثروات طبيعية متنوعة، إلى جانب النموذج التنموي الجديد الذي وفر إطارا طموحا للنمو الاقتصادي. ولفتت المجلة إلى أن مستثمرين من دول كأمريكا، فرنسا، بريطانيا وإيطاليا يرون في هذه المناطق فرصا واعدة.
ومن أبرز المشاريع التي تحتضنها الأقاليم الجنوبية، مشروع أمريكي ضخم لشركة Soluna Technologies بقيمة 2.5 مليار دولار لإقامة مزرعة رياح بقدرة 900 ميغاواط موجهة لتغذية مراكز البيانات، إضافة إلى استثمارات الوكالة الفرنسية للتنمية التي تبلغ 150 مليون يورو. كما أشارت المجلة إلى اتفاق وقعته شركة Total Energies لإنتاج الهيدروجين الأخضر بقدرة غيغاواط في جهة كلميم واد نون، مخصص للتصدير نحو أوروبا.
أما على مستوى البنية الطاقية، فقد أبرز المقال مشروع الربط الكهربائي بين الداخلة والدار البيضاء كأحد النماذج البارزة للتعاون في مجال الطاقات المتجددة، بدعم من مؤسسات دولية مثل AFD وProparco.
وأكدت المجلة أن النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية، الذي أعيد تقييم ميزانيته لتصل إلى 8.3 مليار يورو منذ إطلاقه سنة 2015، رسخ آليات للحكامة اللامركزية وأتاح للسكان المحليين مشاركة أكبر في تحديد أولويات التنمية. وهو ما انعكس على حجم التحولات التي عرفتها المنطقة خلال السنوات الأخيرة.
كما أبرز المقال أن هذه الأقاليم تلعب، في إطار منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، دورا أساسيا في تنظيم الممرات اللوجستية العابرة للصحراء، مما يعزز موقع المغرب كبوابة بين غرب إفريقيا وأوروبا.
وفي الجانب الأكاديمي والثقافي، نوهت المجلة ببرامج مثل “حاضنة الدكتوراه” التي أتاحت منذ 2023 فرص تنقل وتكوين لحوالي 60 باحثا إفريقيا شابا، وبرنامج “جسر الابتكار” الذي فتح المجال أمام رواد الأعمال للانغماس في بيئة الابتكار المغربية. كما سجلت أن “معهد إفريقيا” ساهم في ترسيخ الهوية الإفريقية لدى الشباب من خلال دعم الفنون والممارسات الثقافية المشتركة، وهو ما يجعل من الأقاليم الجنوبية فضاء للتلاقي والوحدة بين شعوب القارة.