الصحافة _ الرباط
أكد الخبير السياسي، مصطفى الطوسة، أنه من خلال النجاح في رهان التنظيم الديمقراطي، في سياق وباء عالمي غير مسبوق، للانتخابات التشريعية التي ستفرز أغلبية جديدة بمشروع سياسي جديد أكثر انسجاما مع تطلعات المغاربة، يجد المغرب نفسه “مرة أخرى” في قلب “كل الاهتمام والثناء”.
وفي مقال تحليلي نشر على موقع “أطلس أنفو”، اليوم السبت، يستخلص الكاتب الدروس من هذه “الاستشارة الانتخابية ذات العناصر المتعددة”.
وكتب مصطفى الطوسة أن “تجاذبات المشهد الانتخابي المغربي لم تستقر بعد، ومعه تتجلى الدروس التي يتعين استخلاصها. لقد كانت هذه التجربة الديمقراطية المغربية ونتائجها في قلب الاهتمام العالمي. فقد أعطى الحدث انطباعا بأنه يتجاوز الإطار الوطني ليكتسب صدى إقليميا ودوليا”.
وأشار إلى أن أول ما ينبغي ملاحظته، هو أن “المغرب نجح في تنظيم استحقاقات انتخابية ذات أقسام متعددة، وذلك في ظل ظروف استثنائية فرضها واحد من بين أكثر الأوبئة شراسة في مطلع القرن الحالي”. وهنا، فإن وفود كثيرة للمراقبين الأجانب، التي جاءت لمتابعة سير الاقتراع، سجلت أن الرهان الديمقراطي التنظيمي كان ناجحا إلى حد كبير.
وحسب الخبير السياسي، فإن “هذا النجاح كان ثمرة إرادة سياسية مزدوجة. إرادة السلطات المغربية التي حرصت على تكريس الممارسة الديمقراطية الحرة للمواطنين، ما مكن بنفس المناسبة من إغناء إرث من بين الأثمن في هذا الشأن. وإرادة المواطنين المغاربة الذين تخلوا عن مواقفهم المندرجة في خانة الامتناع ليقبلوا بكثافة على صناديق الاقتراع. فنسبة المشاركة كانت مشرفة على قدر كبير، وذلك في لحظة حاسمة كان فيها السخط السياسي مرضا مستشريا”.
وأوضح الخبير السياسي أن الدرس الكبير الآخر الذي يبنغي استنتاجه من الانتخابات المغربية هو “الإقبال الذي حطم كل الأرقام (…) في الأقاليم الصحراوية”. ولأن الأمر يتعلق بأول استحقاقات للمرحلة ما بعد الاعتراف الأمريكي، فإن هذا المعطى المتعلق بالمشاركة الشعبية هو مؤشر ثمين، لم يغب عن أحد أهميته السياسية، فمغاربة الصحراء عبروا بقوة عن تمسكهم، مؤكدا أن هذه النسبة يجب مقارنتها مع معدل منطقة القبائل في الجزائر التي اتخذت منذ فترة طويلة القرار الاستراتيجي المتمثل في مقاطعة جميع الانتخابات وفرض تحديات كبرى بالنسبة للسلطة المركزية في الجزائر.
وفي هذا السياق، اعتبر أنه “من الوارد جدا أن بعض العواصم الأوروبية التي لا تزال مترددة في السير على خطى الأمريكيين بخصوص الصحراء المغربية، ستجد نفسها مضطرة إلى إعادة النظر في هذا الموقف القائم على عدم الثقة والتزام الحذر”.
وحسب الخبير السياسي، فإن “الكيفية التي أقبل بها الصحراويون المغاربة على صناديق الاقتراع قصد اختيار ممثليهم الجهويين والوطنيين، أضحى دليلا ساطعا على أن مغربيتهم ليس بحاجة إلى إثبات”، قائلا إن “البرهنة على هذه الإرادة حدث أمام أعين المراقبين الدوليين من بين الأكثر نزاهة”.