إسبانيا تشكل فريقاً عسكرياً خاصاً لمراقبة المغرب وسط تصاعد الهواجس الأمنية في مدريد

23 أبريل 2025
إسبانيا تشكل فريقاً عسكرياً خاصاً لمراقبة المغرب وسط تصاعد الهواجس الأمنية في مدريد

الصحافة _ كندا

شكل الجيش الإسباني فريقاً خاصاً، بقيادة رئيس هيئة الأركان المشتركة، الأميرال العام تيدورو لوبيز كالدرون، لمواجهة ما يعتبره “تهديداً محتملاً من المغرب”، وفقاً لما أوردته صحيفة (ABC) الإسبانية يوم الإثنين 21 أبريل 2025، مشيرة إلى أن الفريق قد بدأ فعلياً في ممارسة مهامه خلال الأيام القليلة الماضية.

ويُعنى هذا الفريق التحليلي والتخطيطي، بحسب المصدر ذاته، بـ”تقييم المخاطر التي قد تشكلها الأنشطة المغربية داخل إسبانيا وخارجها، واقتراح حلول وخطط للتعامل معها”، وبينما أبدى عدد من العسكريين تأييدهم لهذه الخطوة، لا سيما أولئك الذين أبدوا قلقاً من “النفوذ المغربي وعملياته الاستخباراتية في مجال الدفاع”، فإن بعض القيادات العسكرية اعتبروا هذه الخطوة “خاطئة”، لكونها تمت “دون تنسيق مسبق مع رئاسة الحكومة”.

وفي هذا الصدد، أوضح الخبير الأمني محمد الطيار، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، أن تشكيل لجان كهذه “يدخل في صميم العمل الاستخباراتي، وغالباً ما يُحاط بالسرية التامة، ما يجعل الإعلان عنها أمراً غير مألوف”. ويرى الطيار أن هذه الخطوة الإسبانية يمكن تفسيرها من منظورين اثنين.

في التفسير الأول، يرى الطيار أن قيادة الجيش الإسباني أرادت من خلال هذه الخطوة توجيه رسالة مفادها أنها “تمسك بزمام الأمور، في ظل تصاعد الهواجس الأمنية في إسبانيا خلال السنوات الأربع الماضية”، لاسيما فيما يتعلق “بمراقبة مستوى التسلح المغربي وتطور الترسانة العسكرية للمملكة”.

وأشار إلى أن الجانب الإسباني يتابع عن كثب المبادرات السياسية والاستراتيجية التي يتخذها المغرب، وأن هذه الهواجس تعززت “في ظل استمرار ملفات عالقة بين البلدين، أبرزها ملف سبتة ومليلية المحتلتين”. وأوضح أن هذا الوضع دفع بعض الأوساط داخل إسبانيا إلى المطالبة بتدخل الدول الأوروبية أو حتى حلف الناتو، في حال نشوب صراع عسكري مع المغرب.

ويرى الطيار أن هذا القرار العسكري الإسباني بتشكيل الفريق الخاص يعكس محاولة من المؤسسة العسكرية “لإبراز مكانتها، وتأكيد دورها المركزي في حماية البلاد”.

أما التفسير الثاني، فيرتبط بطبيعة تسريب الخبر، إذ يعتقد الطيار أن الهدف من ذلك قد يكون “إظهار نوع من الخلاف بين المؤسسة العسكرية والحكومة الإسبانية برئاسة بيدرو سانشيز”، خاصة في ظل ما تم تداوله بشأن تجميد قسم الأمن الوطني المعني بالمغرب، والذي كان تابعاً مباشرة لرئاسة الحكومة. وتسريب الخبر يبعث برسالة مفادها أن “قرار تجميد القسم لم يكن موفقاً”، بحسب المتحدث.

وفي ظل النقاشات السياسية والإعلامية في إسبانيا بشأن ما يُعتبر “تهديداً مغربياً محتملاً”، خلافًا للتصريحات الرسمية التي تقلل من خطورة المغرب، يرى الطيار أن هذه الخطوة العسكرية قد تكون إشارة مزدوجة “إما لطمأنة الرأي العام الإسباني بأن القوات المسلحة تقوم بواجبها في حماية إسبانيا بمواجهة أي تطورات، أو تعبيراً عن التوتر في العلاقة بين القيادة العسكرية والقيادة السياسية”.

واختتم الطيار تحليله بالقول إن تسريب خبر تشكيل هذا الفريق العسكري قد يُفهم أيضاً كرسالة موجهة إلى المغرب، تهدف إلى التأكيد على أن “الجيش الإسباني، رغم العلاقات السياسية الوثيقة بين حكومتي البلدين، لا يزال في حالة تأهب قصوى، ويولي أهمية كبيرة لأي نشاط مغربي داخل الأراضي الإسبانية أو خارجها”.

وبحسب ما أوردته صحيفة (ABC)، شارك في الاجتماع الأول لهذا الفريق، إلى جانب هيئة الأركان، كل من رئيس هيئة العمليات، ونواب رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة. كما أبدى بعض أعضاء القيادة العسكرية تحفظاتهم على هذه الخطوة، معتبرين أنها “تمت دون تعليمات مباشرة من الحكومة، التي تحرص على تجنّب اتخاذ خطوات قد تزعج السلطات المغربية”.

وتستمر المخاوف في إسبانيا من احتمال مطالبة المغرب باسترجاع مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، وقد وصلت هذه المخاوف إلى داخل قبة البرلمان الإسباني في مدريد.

في هذا السياق، طالب حزب “فوكس” اليميني المتطرف الحكومة الإسبانية بتوضيح موقفها، عبر سؤالين كتابيين قدمهما إلى مجلس النواب، يوم الثلاثاء 11 مارس 2025، للاستفسار عما إذا كانت الحكومة “قد تلقت ضمانات رسمية من المغرب بعدم المطالبة بالمدينتين”.

وفي تقرير نُشر يوم الأحد 23 فبراير 2025، تحت عنوان “خوف في سبتة ومليلية من مسيرة خضراء جديدة بدعم من ترامب”, أشارت صحيفة “إل إسبانول” إلى أن عودة ترامب إلى البيت الأبيض تثير قلقاً داخل الأوساط العسكرية والأمنية الإسبانية، خاصة في ظل “تقاربه المعروف مع المغرب”.

وبينما يتجنب السياسيون والمسؤولون المحليون في سبتة ومليلية الإدلاء بتصريحات علنية حول الموضوع، مفضلين التركيز على قضايا مثل فتح الجمارك التجارية، فإن الأوساط العسكرية والأمنية تعيش “قلقاً متزايداً”، وفقاً للمصدر ذاته، إذ تخشى أن “تؤثر العلاقة الجيدة بين إدارة ترامب والرباط على الوضع الأمني للمدينتين”.

ويشير مراقبون إلى أن المدينتين لا تخضعان لحماية مباشرة من قبل حلف الناتو، مما يزيد من تعقيد المشهد الأمني والسياسي في ظل هذه المخاوف الإسبانية.

ومن جانبه يعتبر السفير الإسباني السابق في الرباط، جورجي ديزكايار، أن استرجاع سبتة ومليلية المحتلتين مطلب أبدي بالنسبة إلى المغرب، مشيراً إلى أنه من الخطأ انتظار استسلامه في هذه القضية.

وقال ديزكايار، في حوار نشرته صحيفة “لارثون” (LARAZON) الإسبانية، يوم الأربعاء 19 مارس 2025، إن المطالبة المغربية بسبتة ومليلية “مسألة أبدية وستظل قائمة دائماً”، مضيفا أن المغرب “يضغط أكثر في بعض الأحيان، بينما يخفف في أحيان أخرى من حدة الخطاب، وفقاً لطبيعة العلاقات الثنائية”.

وشدد ديزكايار، وهو مدير سابق للمخابرات الإسبانية (CNI)، على أن المطالبة بالمدينتين المحتلتين “لن تتوقف”. وقال إن “من يعتقد أن المغرب سيتخلى عن هذا المطلب يوماً ما فهو مخطئ، تماماً كما هو الحال مع مطالبة إسبانيا بجبل طارق”.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق