بقلم: عائشة كلاع*
تابعت تعقيب نائبة الأمة السيدة أمينة ماء العينين على جواب السيد وزير العدل السيد محمد بن عبد القادر والذي كان بالأساس يتعلق بوضعية موظفات وموظفي كتابة الضبط وقد اعتبرت النائبة أن اسناد المسؤولية في هذا القطاع لا يخضع للمعايير الدستورية، لتنتقل دون رابط منطقي لملف المتهم بارتكاب جرائم الحق العام سليمان الريسوني والمعتقل احتياطيا على خلفية هذه الأفعال المعاقب عليها جنائيا.
تساءلت هل موقف النائبة البرلمانية هو موقف سياسي لحزبها من ملف المتهم سليمان الريسوني، وبذلك يكون الأمين العام لحزب العدالة والتنمية وهو رئيس السلطة التنفيذية ملزما بتوضيح موقف حزبه من هذا التصريح.
أما إذا كان التصريح لا يلزم إلا صاحبته، فأود أن أوضح أن خرق المقتضيات الدستورية سيدتي لا يرتبط فقط بإسناد المسؤولية بقطاع كتابة الضبط كما تدعين، بل خرقها السافر كان بتدخلك من داخل جلسة للسلطة التشريعية في السلطة القضائية وفي عمل القضاة، وهو ما يعتبر سلوكا وممارسة خطيرة بالنظر لصفتك النيابية والسياسية، فمسؤوليتك السياسية تقتضي عدم المس بالمؤسسات واحترام مبدأ فصل السلط الذي أعطاه الفيلسوف مونتسكيو مضمونا تاريخيا وسياسيا وتأثرت به الثورة الفرنسية وقننته في إعلان حقوق الانسان والمواطن سنة 1789 وأكدت عليه جميع الدساتير التي عرفها المغرب.
وأنت أدرى سيدتي بمهام ممثل أو ممثلة الأمة والمتمثلة في التشريع عبر مقترحات القوانين ومشاريع القوانين وكذا ممارسة رقابة الحكومة من خلال تقييم السياسات العمومية، وليس ممارسة الديماغوجية والشعبوية التي ظننت أننا أنهينا معها في ممارستنا الحزبية والسياسية، إلا أنها مع الأسف لا تزال تكرس في العمل السياسي عندما تقترب محطة انتخابية.
//2//
وإذا كانت المقاعد الانتخابية هي الهاجس في استغلال أحداث أو ملفات للظهور بمظهر المناضلة الحقوقية، فإن الشعب المغربي يعرف جيدا من دبر الشأن العام لمدة عشر سنوات تقريبا ويعرف أن محطة الانتخابات هي فرصة للمحاسبة كما هو شأن كل الديمقراطيات في العالم، ولا مجال سيدتي للعب دور المعارضة في مواجهة وزير ينتمي لحكومة يرأسها حزبك.
ليس من المسؤولية والنزاهة الأخلاقية أن تستغلي ملفا معروضا على القضاء لحسابات خاصة، تودين تصفيتها داخل حزبك بعد انهيار أسهمك مع قيادته، وخارجه بسبب عدم وضوح مواقفك في عدد من القضايا.
وليس من المسؤولية السياسية ان تنصبي نفسك محامية للتدخل في عمل القاضي ومطالبته من داخل مؤسسة تمثل الشعب المغربي للمطالبة بالإفراج العاجل عن المتهم سليمان الريسوني بدعوى انه مضرب عن الطعام.
ولو عدت قليلا سيدتي لتاريخ اضراب المناضلين السياسيين عن الطعام داخل المغرب وخارجه والذين لم يكن يرهبهم السجن لأنهم مقتنعون انه ضريبة مواقفهم السياسية، لكنهم يخوضون معركة الأمعاء الفارغة لأجل التمتع بالحقوق المكفولة للسجناء بمقتضى المعايير الدولية لحقوق الانسان لأجل مسؤولي السجن، في حين أن الاضراب عن الطعام المزعوم من طرف المتهم سليمان الريسوني وغيره فهو وسيلة يتم توظيفها إعلاميا للضغط على القضاء من جهة ولكسب التعاطف من جهة أخرى، فهل هذا سلوك مناضل معارض كما تدعون !! وكان الاحرى بك في إطار المهام المخولة لك أن تطالبي بتشكيل لجنة برلمانية لزيارة أماكن الاحتجاز ومراقبة ظروف عيش ساكنة هذه الأماكن وأما غير ذلك فهو سلوك خارج إطار القانون ودولة المؤسسات وهو دعوة صريحة للإفلات من العقاب وحرمان الضحية من حقوقها المكفولة قانونا في إطار ضمانات المحاكمة العادلة التي ليست من حق المتهم سليمان الريسوني فقط، بل من حق الضحية كذلك.
//3//
أريد إحاطتك علما سيدتي أن المتهم سليمان الريسوني يحاكم طبقا للقانون المغربي لارتكابه جرائم الحق العام وله دفاع يؤازره من خيرة محامي هذا البلد وليس من مهامك كنائبة برلمانية أن تتدخلي في قضية معروضة على القضاء، وإن كان لعائلته عذر فيما تصدره من تصريحات وغيرها، فلا عذر لك في طلب الافراج العاجل لهذا المتهم لسبب أنه ينتمي لعائلة تنتمي لعشيرتك، لأنه تدخل في استقلال القضاء.
*عائشة كلاع: محامية بهيئة الدارالبيضاء
نائبة برلمانية سابقا